4 ديسمبر 2011

حزب الإصلاح الإسلامي في اليمن - الذي يقود المعارضة - غير ديمقراطي

والأصوليون هم من يصنع القرار النهائي

المصدر : صحيفة نيويورك تايمز، كريم فهيم

ترجمة اشواق الربيعي

صنعاء، اليمن- على مدى سنوات، لعب حزب الإصلاح -اكبر أحزاب المعارضة اليمنية وأكثرها تنظيما- لعبه مزدوجة من خلال الحفاظ على علاقات مقربة مع حكومة الرئيس على عبدالله صالح وفي الوقت نفسه عمل على إنشاء شبكة من المؤيدين للإطاحة بالرئيس.

وساعدت التحالفات المختلفة لحزب الإصلاح، والتي تعكس وجود مختلف التيارات داخل الحزب، في إبقاء حزب الإصلاح متقدما على منافسيه من المعارضة. وهذه الإستراتيجية جعلت حزب الإصلاح خارج السلطة وغير قادر على تقديم بديل موثوق للحكومة والذي كان ينظر إليه كحليف لها.

الآن، مع تزايد التوقعات بخروج الرئيس صالح، فإنه ينبغي على حزب الاصلاح، على غرار المنظمات الإسلامية في المنطقة العربية، أن يفوز بنتيجة قوية في الانتخابات القادمة. لكن هذه النتيجة قد تكون موضع شك: حيث أن الإستراتيجية التي أبقت حزب الاصلاح واقفا على قدميه خلال سنوات حكم الرئيس صالح قد قللت من مصداقيته.

ويرى محللون أن الإسلاميين في اليمن، خلافا للأحزاب الإسلامية التي لم تختبر بعد والتي تسعى للوصول إلى السلطة في أعقاب الثورات العربية في مصر وتونس والمغرب، لهم سجل طويل في السياسة والذي امتد على مدى عقدين من الزمن ويمثل هذا مسئولية عليهم بحكم تجربتهم السياسية. ويتعين على قادة الإصلاح – حتى وإن شغلوا مناصب عليا في حكومة الوفاق الوطني – أن يتعاملوا مع سجل الحكم المختلط للحزب، وعدم وضوح الأهداف الإيديولوجية لهذا الحزب واستمرار هيمنة الحزب الحاكم.

وكجماعة الإخوان المسلمين في مصر، فإن حركة الإخوان في اليمن باتت تتعامل وبشكل ملحوظ مع انقسامات متزايدة كلما اقتربت أكثر من السلطة. وبعد أيام من توقيع قادة من حزب الإصلاح على المبادرة والتي تقضي بنقل السلطة من الرئيس صالح مقابل حصوله على الحصانة، لا يزال الكثير من أعضاء الحزب معتصمين في الساحات احتجاجا على ما اعتبروه حلا وسطيا غير مقبول.

" هذه هي السياسة" كما ذكر علي محمد الحداد، عضو حزب الإصلاح و أحد المرابطين في ساحة التغيير في العاصمة صنعاء حيث يتواجد المتظاهرين بمن فيهم الآلاف من أعضاء الحزب الذين نصبوا خيامهم منذ أكثر من عشرة أشهر للمطالبة بتنحي الرئيس صالح. وبعد التوقيع على المبادرة الخليجية،نشب خلاف بين شباب مستقلين رافضين التوقيع على المبادرة وأعضاء من حزب الإصلاح الذين بدورهم القوا باللوم على عاتق قادتهم .

وذكر الحداد بأنه "لم تتحقق أهداف الثورة بعد. ولقد أبلغناهم بأننا غاضبون جدا."

ومن جانبهم، يحاول قادة حزب الإصلاح جاهدين استغلال اللحظة وذلك بتقديم انفسهم مرة أخرى أمام اليمنيين. خلال المرحلة الانتقالية التي تستمر لمدة سنتين ابتداء من الانتخابات الرئاسية في فبراير، سيتقاسم حزب الإصلاح السلطة مع أحزاب المعارضة الأخرى و الحزب الحاكم لتشكيل حكومة وحدة وطنية حيث يتوقع بان يتم تعيين قادة حزب الإصلاح في بعض المناصب الوزارية الكبرى.

وكالأحزاب الإسلامية الاخرى في المنطقة، يروج بعض قادة حزب الإصلاح لخططهم في محاربة الفساد والسعي لإنشاء دولة مدنية تسودها القوانين وفي الوقت ذاته يتجنبون الحديث علنا عن الأجندة الدينية والاجتماعية وذلك تحسبا من أن يسبب ذلك تخوفا لدى الناخبين.

يقول راجح بادي رئيس تحرير صحيفة التجمع اليمني للإصلاح الصحوة " ان أهم شيء يجب علينا القيام به في هذه الفترة هو طمأنة الناس أننا لا نسعى فقط للسلطة " ويضيف " اعتقد بأن الإصلاح لن يعمل بمفرده، فالإصلاح يعلم أنه اذا عمل لوحده، فإنه بذلك ينتحر" .

لقد تأسس حزب الإصلاح عام 1990 من قبل جماعة من أعضاء الإخوان المسلمين ورجال القبائل اليمنية وذلك بعد توحيد اليمن الشمالي والجنوبي وفي تلك الحقبة كان الإصلاح قد تحالف مع الرئيس صالح من اجل كبح نفوذ الاشتراكية. ومع حلول نهاية العقد الحالي، تحول حزب الإصلاح إلى حزب معارض على الرغم من ان احد مؤسسي هذا الحزب الشيخ عبد الله الأحمر والذي لا يزال حليفا للرئيس صالح.

من خلال المميزات التي يتمتع بها حزب الإصلاح من حيث السياسة التجنيدية الفعالة فضلا عن المهارات التنظيمية والخدمات التي يقدمها الحزب والتي لا تستطيع الحكومة تقديها، أصبح حزب الإصلاح الأكبر في البلاد من بين أحزاب المعارضة اليمنية.

ومع ذلك، فإن الناخبين اليمنيين قد نفوا مرارا وتكرارا وجود الحركة. ففي انتخابات المجالس المحلية في عام 2006 فاز الرئيس صالح على الإسلاميين فوزا ساحقا حيث حصل الإسلاميون على مقاعد اقل بكثير مما كان متوقعا. كما ان بعض قادة الإصلاح أنفسهم، بمن فيهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، دفعوا بمنافسيهم للفوز من خلال تأييدهم العلني للرئيس صالح.

كما يتوجب على حزب الإصلاح مواجهة استياء الجنوبيين تجاه الحزب والذين لا يزالون يتذكرون الدور الذي قامت به مليشيات هذا الحزب والتي كانت متحالفة مع الشمال أبان الحرب الأهلية عام 1994 .

ويقول محللون يمنيون إن نجاح حزب الإصلاح في المستقبل يعتمد بشكل كبير على الطريقة التي سيدير بها الإصلاح أعضائه المختلفين حيث يضم الحزب جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين وشيوخ القبائل ورجال الأعمال. حيث أن الصحفية توكل كرمان والحائزة على جائزة نوبل الذي ساعد القبض عليها في يناير في انطلاق الثورة في اليمن، تنتمي لتيار أكثر اعتدال في الحزب.

ومن جهة أخرى، فإن عبد المجيد الزنداني، معلم أسامة بن لادن الذي كان يعرف بـ"الإرهابي العالمي" من قبل الولايات المتحدة في عام 2004 ينتمي أيضا لهذا الحزب. و يقول كثير من المراقبين اليمنيين أن الزنداني - ابرز زعيم لمعسكر الحرس القديم- أن تأثيره لا يزال سائدا في الحزب، على الرغم من التأكيدات من قبل المعتدلين أنهم أصبحوا أكثر تأثيرا.

في مارس ، تحدث الزنداني في ساحة التغيير موصلا رسالة توضح إنهاء تحالفه مع الرئيس صالح ومؤشرا لوجهة نظره لأهداف الحزب. حيث أعلن بأن "الدولة الإسلامية قادمة".

وقالت آبريل لونغلي آلي، التي تعمل كباحثة لمجموعة الأزمات الدولية، أن الهيكل التنظيمي لحزب الإصلاح ساعد الحزب في ربط بعض أطرافه المتضاربة، لكنها أضافت : "قد تم التضييق على بعض الأشخاص الذين يريدون تغيير مسار الحزب باتجاه اخر من قبل النظام الداخلي للحزب، لكن هذا النظام غير ديمقراطي فضلا عن ان قيادات – الجيل القديم- للحزب هي من تتخذ القرار النهائي. "

ولقد ظهرت الاختلافات داخل الحزب علنا، حيث كان الزنداني وراء تشكيل ما يعرف "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". وفي الآونة الأخيرة، كان كلا من الزنداني و توكل كرمان في طرفين متناقضين حول احدى القضايا الأكثر جدلا المتعلقة بتحديد الحد الأدنى لسن الزواج من 15 الى 17 في بلد تتزوج فيه الفتيات الصغيرات، وخاصة في المناطق الريفية، في سن مبكر.

وفشل إصدار قانون تحديد سن الزواج في البرلمان.

وانضم الآلاف من أعضاء الإصلاح للاحتجاجات في صنعاء هذا العام وقاموا بتوفير الأمن والغذاء والخدمات الطبية للمحتجين المؤيدين للديمقراطية، حيث دل هذا على انهاء الحزب الأكثر قوة لتحالفه مع الرئيس صالح و توجيه بعض الاتهامات بأن الحزب كان يحاول استمالة المظاهرات. وقد انضم للمعارضة اللواء المنشق على محسن الاحمر الذي تربطه علاقات مع الإسلاميين.

وفي الوقت الحالي، يأمل الناشطون السياسيون الذين يحاولون تشكيل أحزاب جديدة في اليمن بأن يفكر الاصلاحيون الشباب المستائين من الحزب بمغادرته. وقال نجيب غلاب، باحث ليبرالي في جامعة صنعاء، "أنا أعرف الكثير من الأشخاص الذين ليس لديهم اي مشكلة مع حزب الإصلاح، لكنهم رأوا الوجه الحقيقي لهذا الحزب في ساحات الاعتصام".

وعلى الرغم من الانقسامات الداخلية في الحزب، يصر العديد من قادة الحزب بأنه لن يضعف ، مشيرين إلى ان مثل هذه الانقسامات طبيعية وصحية لأي حزب سياسي. وقال علي الانسي، محام في حزب الإصلاح، "هناك اختلافات داخل كل مجموعة أيديولوجية. وبالتالي فإن عملية صنع القرار الرسمي تعتبر ديمقراطية".

وقال الانسي بأن الحزب الحاكم كان يأمل، لأسبابه الخاصة، ان يحدث انقسام داخل التجمع اليمني للإصلاح ، لكن "هذا لن يحدث."

هناك 3 تعليقات: