7 يوليو 2010

الدولة الدينية والتوريث وراء فشل الحوار




ناصر الربيعي 07/07/2010


فشلت الأحزاب اليمنية في احترام نفسها ولا زالت تفشل وتفشل. لم يحترم الحزب الحاكم والمعارضة الاتفاق الذي أجلوا بموجبه الانتخابات سنتين منذ فبراير 2009 بهدف إجراء إصلاحات سياسية وانتخابية لوضع قواعد محترمة لتداول السلطة سلميا.


والآن تكاد المدة المتفق عليها تنتهي دون التوصل لشيء يذكر.


يمكن اختزال المشاكل السياسية في اليمن حليا في نقطة واحدة وهي: لمن وكيف ستنتقل السلطة بعد الرئيس الحالي علي عبدا لله صالح الذي تنتهي ولايته الأخيرة في سبتمبر 2013

هذه المشكلة العصية على الديمقراطية الوليدة وضعت اليمن في مواجهات ساخنة مع أربع تحديات كبرى تكاد تعصف بالبلد إلى الهاوية .


التحدي الأول هو القاعدة التي تحلم بخلافة إسلامية ليس لحكم اليمن وحسب بل لحكم العالم أجمع، وترى أن التوحش في سفك الدماء هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف غير الواقعي.


والتحدي الثاني هو المطالبة بانفصال جنوب اليمن عن شماله من قبل مجموعات ساخطة وغاضبة من التهميش الذي حل بهم بعد حرب 1994 .


والصراع ألمناطقي والطائفي الذي وجد في غياب حكم القانون بيئة مواتية له هو التحدي الثالث.

وهذا جعل الحوثي - مثلاً - يقود تمردا مسلحا في صعده للدفاع عن معتقد يحدد إماماً معصوماً لحكم الناس دون سواه مقابل معتقد آخر سلفي يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة للحاكم والمحكوم .


والتدهور الاقتصادي الناجم عن الفساد المالي والإداري والنمو السكاني الجاهل الذي لا يزال من أعلى معدلات النمو في العالم هو التحدي الرابع .


هذه التحديات الأربعة ما كانت لتظهر لو اتفق اليمنيون على صيغة واضحة ومحترمة لانتقال السلطة من حزب إلى أخر أو من جماعة إلى جماعة أو حتى من فرد إلى فرد .

فلماذا تفشل الأحزاب دائما في إجراء حوار من اجل التوصل لهذه الصيغة الخاصة بهم ؟

هناك مخاوف لدى الحزب الحاكم ورئيسه ولدى أحزاب المشترك هي التي تجعل كل دعوة للحوار تفشل ؟

الحزب الحاكم ورئيسه علي عبدا لله صالح - الذي بيده كل شيء- لا يريد أن يغلق الباب أمام ترشح نجل الرئيس في الانتخابات الرئاسية القادمة ، فليس بالدستور اليمني -الذي لا يحترم كثيراً -ما يمنع ابن الرئيس من الترشح مثل أي مواطن .

في كل الاجتماعات واللقاءات بين المؤتمر والمشترك والرئيس يمكن الحديث عن أي تفاصيل حول انتقال السلطة سلميا من الناحية النظرية ولكنهم لا يتحدثون أبدا عن إمكانية أو استحالة انتقال السلطة لابن الرئيس . مع أن كل الفئات والنخب بما فيها نخب الحكم والمعارضة تضج دوما حول هذه النقطة في الاجتماعات الخاصة والمقايل وفي كل مكان.

ومن المخاوف البارزة لدى أحزاب المشترك وكذلك لدى المراقبين من خارج هذه الأحزاب هي أن حزب الإصلاح هو المهيمن على هذه الأحزاب سواء من حيث عدد أعضائه وأنصاره في عموم اليمن أو عدد أعضائه في مجلس النواب البالغ عددهم حوالي خمسين مقابل أقل من عشرة لأحزاب المشترك الأخرى. ومن يهيمنون على هذا الحزب هم رجال دين وليسو سياسيين.


والمشترك الوحيد الواضح بين هذه الأحزاب هو مواجهة السلطة وحزبها. ولكنهم يختلفون بالتأكيد حول مسائل سياسية كثيرة أهمها مثلاً الدولة المدينة والدولة الدينية ، بالنظر إلى خلفياتهم الايدولوجية المتناقضة.

وهذا القلق ليس مبعثه قوة حزب الإصلاح الذي يمكن أن يفوز ويحكم, ولكن مبعثه هو الموقف غير الواضح لهذا الحزب من الديمقراطية والدولة المدنية والدولة الدينية.

وهو نفس القلق الموجود لدى الغرب وأمريكا من الأحزاب الإسلامية بالشرق الأوسط .


ولإزالة المخاوف لدى كل الأطراف والبدء بحوار جاد ومسئول يفضي إلى إصلاحات سياسية وانتخابية حقيقية تضمن فعلياً انتقال السلطة سلمياً عبر الأجيال المتعاقبة.

يتعين على الجميع أن يكون أكثر جرأة وشجاعة ومسؤولية في طرح القضايا الحساسة للنقاش ومنها الدولة المدينة والدولة الدينية وما بات يعرف بتوريث الحكم.


ويكون هناك نص دستوري واضح يضمن أن تكون جميع الأحزاب مدنية وليست دينيه بهدف واضح لا لبس فيه هو منع أي حزب أو جماعة أو فرد الإستقواء بالدين لتحقيق مصالح سياسية .


ومن الواضح أن هذا النص سيكون لصالح حزب الإصلاح الإسلامي ذي الشعبية الكبيرة القادر على الوصول إلى السلطة عندما يتخلص من هذا اللبس.


وستطمئن أحزاب المشترك والأحزاب اليمنية الأخرى وتطمئن أمريكا والغرب من مخاوف "الانقلاب المفترض" على الديمقراطية الذي يلاحق حزب الإصلاح والأحزاب الإسلامية في كل مكان كلما اقتربت من الحكم أو فازت به.


ولتبديد المخاوف من توريث الحكم يجب التوصل أيضا إلى نص دستوري آخر يمنع نجل الرئيس ( أي رئيس) من ترشيح نفسه أو نص صريح يسمح له بالترشح مثل غيره أو بشروط محددة.

هناك تعليقان (2):