2 يونيو 2009

من مؤتمر السلفيين "الليبراليين"



ناصر الربيعي 1يونيو 2009
حضرت مؤتمر السلفيين الذي عقد يومي 27 و28 مايو 2009 لدعم الوحدة و رفض الانفصال "شرعيا" والذي حظي بدعم رسمي لافت. وطرحت عليهم ثلاثة اسئلة في مؤتمر صحفي عقد بعد الجلسة الختامية.

ما الفرق بينكم و بين القاعدة؟ ، أليس مؤتمركم هذا حرام في نظر اخوانكم السلفيين في د ماج صعدة ومعبر الذين يحرمون تشكيل الجمعيات والأحزاب وأنشطتها، وحتى الوقوف أمام الكاميرا للتصوير؟

والسؤال الثالث: لماذا لم تشارك المرأة في مؤتمر يعنى بالشأن العام ووحدة الأمة كهذا ؟ . أجاب الشيخ عبدالعزيز الدبعي، وهو رئيس جمعية الحكمة اليمانية التي نظمت المؤتمر، وهي واحدة فقط من عدد من الجمعيات السلفية المنشقة عن السلفيين الوادعيين الذين يصفون هذه الجمعيات و نشاطها بالبدع والضلالات .

الشيخ الدبعي، الذي كان يجيب بهدوء و تواضع محترم ، قال: القاعدة تستخدم السلاح في دعوتها ونحن ندعو بالحكمة و الموعضة الحسنة ولا نستخدم السلاح.

وعن السؤال الثاني أجاب: انه وأعضاء جمعيته يختلفون مع السلفيين في معبر وصعدة حول تشكيل الجمعيات غير انه يحترم هذا الاختلاف، وتنبأ لهم أن يحذوا حذوه مع مرور الوقت.

وعن المرأة فال انه يري ان تشارك المرأة في مجال الدعوة في المكان المناسب و الوقت المناسب غير انه شدد أن قاعة كتلك التي عقد فيه المؤتمر ليست المكان اللائق بالمرأة.

وخارج قاعدة المؤتمر، الذي لم تحضره سلفية واحدة، وجدت زميلة صحفية متخفية في سيارة زميلها. وكانت كغير عادتها، قلقة، وتنظر في ساعتها، و تريد مغادرة المكان بسرعة. سألتها : لماذا لم تدخلي ياليلى؟ قالت : صعب ، صعب. توجست خيفة عند الباب فقط وأحجمت عن الدخول، بعد أن كابدت زحام المدينة في وقت الذروة لتحضر المؤتمر الذي أعلن للجميع ولم يستثن المرأة.

كانت خائفة ووجلة؟! من المسئول عن تخويفها ؟ وماذا لو دخلت وساهمت في كسرا لحاجز النفسي وشجعت السلفيين العابسين الباسرين دوما في وجه المرأة ، بأنهم ليسوا وحوشا تخاف منهم وهي ليست فريسة، بل إنسان مهتم بشأن الأمة؟. ولماذا لم تكفي شعارات الحكمة و الموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن لبث الطمأنينة والسكينة وتشجيع ليلى على الدخول إلى قاعة المؤتمر.


إثناء المؤتمر سمعت كلمات وعبارات رائعة توحي بانفتاح خجول لهذه الجماعة الرائدة من السلفيين على العصر ومقتضياته. سمعت كلمة "تصويت" على من يرأس الجلسة، و "الموافقون يرفعون أيديهم" ، "ومن لديه اعتراض " على هذا أو ذاك ، و غيرها من الكلمات التي اعطت انطباعا جيدا عن السلفيين الذين يرى بعضهم ان الديمقراطية كفر بواح!!

سمعت أيضا حثا على "البحث العلمي في كل المجالات لنلحق بركب العالم"، وكان المتحدث يشير إلى تخلف المسلمين في العلم الحديث والتكنولوجيا. فتذكرت سلفيين يزعمون أنهم يفندون نظريات علمية وحقائق قطعية لاتحتمل الظن ، مثل قولهم أن الأرض لا تدور، فقط لأنهم لم يجدوا دليلا على دورانها في تفسيرات الطبري وابن كثير.


وسمعت مطالبة بإصلاح سياسي ومؤسسية في الحكم وكان المتحدث يشير إلى رفض الحكم الفردي،فشككت أنه من الجماعات السلفية التي تلتقي جميعها عند وجوب طاعة ولي الأمر وتحرم الخروج عليه مهما كانت الأسباب، باستثناء الجماعة التي تكفر الحكام صراحة وهي القاعدة.


ومن العبارات السيئة التي سمعت في المؤتمر: " رافضة اليمن " و عبارة " الرجل يذوب عندما يرى المرأة".


"الرافضة" كلمة توحي بتطرف مقيت يرى الآخر شرا مستطيرا وباطلا محضا يجب القضاء عليه. ولم تذكرني فقط بالصراع السني الشيعي الدامي عبر التاريخ ولكنها أيضا ذكرتني المعارك الكلامية الجارية بين السلفيين اليمنيين أنفسهم بعد تفرخهم إلى جماعات كثيرة ، والكلمات الإقصائية المطلقة والنابية والبذيئة التي تستخدم في تلك المعارك.

"الرجل يذوب عندما يرى المرأة ": قالها احدهم وهو يحرض بكل ما اوتي من قوة لفظية ضد خروج المرأة و مشاركتها في شؤون الحياة العامة، فدوت القاعة بضحكات وقهقهات مؤيدة لقول الرجل الذي قدم كعالم. فتذكرت أنشطة تقام في جامعة الإيمان "لتقوية الإيمان"، وخطر على بالي قصة المرأة الجميلة التي دعت يوسف الوسيم إلى قصرها وغلقت الأبواب وقالت: هيت لك. قال : معاذ الله.


ومما لفت انتباهي أن كل المتحدثين والمداخلين والمعقبين خلال جلسات المؤتمر شددوا على وجوب الاصطفاف حول الرئيس على عبدالله صالح ، الذي يرأس حزب المؤتمر الحاكم ، ضد المجموعات الساخطة التي تطالب بالانفصال . وحين طرح عليهم سؤال وهل تصطفون مع الأخوان المسلمين أيضا ؟ قالوا نعم بشرط أن يحل الإخوان أنفسهم كحزب (الإصلاح) ويفك ارتباطه مع الأحزاب الأخرى كالاشتراكي والناصري.

القاضي حمود الهتار ، وزير الأوقاف، كان نجما متألقا في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حينما قدمه احد السلفيين كموجه وملهم للمؤتمرين. ووددت لو أنهم يرونه كذلك حقا لمعرفتي الكبيرة بالهتار وانفتاحه وقبوله الآخر أيا كان وقدرته على المحاورة في أي موضوع ومع أي شخص أو جماعة. ولكني تذكرت أني حاولت مرة التواصل مع احد رموز السلفية لمقابلته كصحفي، وبعد ترتيبات مع أصدقاء مقربين منه وافق على الحديث بالهاتف لمعرفة محاور المقابلة قبل إجرائها. فقال لي عم تريد أن تسأل: قلت عن الحرية والديمقراطي وحقوق الإنسان والمرأة والقاعدة ومواضيع أخرى تثار هذه الأيام، فقال بعد تمتمة غامضة فهمت منها الرفض: سنتصل بك لاحقا ولم يفعل منذ سنتين. وقال احد أصدقائي : كان الشيخ يظن انك ستسأله كيف تتوب إلى الله وتترك ما أنت عليه من ضلالات تسميها صحافة، وكتب لي رسالة من ثلاثين صفحة سماها نصيحة للتوبة أنكر وجود وأهمية كل ما لم يسمعه من شيخه ومنها الحديث عن الحرية والمرأة.

وعندما تحدث الشيخ عبد المجيد الزنداني في الجلسة الافتتاحية عن وجوب التمسك بالوحدة و محاربة الانفصال ، وكان الكل يؤيد ما يقول، تذكرت قصيدة شعرية كتبها الشيخ السلفي يحي الحجوري خليفة الشيخ مقبل الوادعي في د ماج- صعده بعنوان القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني ووصفه فيها بـ " زعيم المفلسين وكلبهم" ووصف الشيخين السلفيين محمد المهدي وعبد المجيد ألريمي وإتباعهما بـ المنشقين المذعورين كـ" الحمر المستنفرة"، وتذكرت أيضا كتاب للشيخ السلفي محمد الإمام بعنوان " الإيضاح والبيان لما عليه جامعة الإيمان" وصف فيه الجامعة التي يديرها ويملكها الزنداني بـ جامعة البدع العصرية. إذا كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا.

ورغم كل ما خطر ببالي من تناقضات وصراعات في عالم السلفيين اثنا حضوري مؤتمرهم باهتمام، ورغم اختلافي معهم في أشيا كثيرة، فقد زاد احترامي لهذه المجموعة السلفية الرائدة المتطلعة للمشاركة في بناء وتنمية الأمة في الحياة الدنيا، ويستحقون الاحترام أكثر وأكثر ما احترموا كل من خالفهم.

هناك تعليق واحد:

  1. فعلاً انهم يستحقون الاحترام لجهودهم ورغبتهم الصادقة في بناء الوطن وتنميته .. وان كانوا متمسكين بعصر السيف والمأزر

    ردحذف